تحليل نص موجه

يوم mercredi 1 juillet 2009 القسم : 0 التعليقات
لنص المقترح :
إذا جاز لنا أن نطلق اسم " الهويانية " على النزعة التي ترفع شعار الهوية ، قومية كانت أو إثنية أو طائفية ]...[ وجب القول إن التعارض بين العولمة و الهويانية هو مظهر من مظاهر الصراع في عصرنا ، و هو صراع يعيشه العالم ككل كما يعيشه كل بلد على حدة ، متقدما كان هذا البلد أو " متخلفا " . و إذا كان هذا الصراع يبدو في بعض الأحيان ، و على السطح ، في صورة صراع بين " الشمال " داعية العولمة و المستفيد الأول منها ، و بين الجنوب " موضوع العولمة " و المستهدف بها ، فليس هذا سوى مظهر واحد من جملة مظاهر متعددة .
] ...[ العلاقة بين العولمة و مسألة الهوية ليست إذن علاقة وحيدة الاتجاه ، و هي لا تطرح مشكلة واحدة يمكن حلها ، بل هي تنسج إشكالية لا يمكن حلها إلا بتجاوزها . و عملية التجاوز تتطلب هنا مقاومة هذه الإشكالية بأقوى أسلحتها ، أقصد تعميم المعرفة العلمية . إن التغلب على مساوئ العولمة لن يفيد فيه الهجوم عليها و لا محاولة حصارها . إن السبيل القويم إلى الحد من آثارها على الهوية و الخصوصية ، و التي تتجلى قبل كل شيء في ما عبرنا عنه ب " الهويانية " ، هو الرفع من مستوى الهوية إلى الدرجة التي تستطيع بها الصمود الإيجابي المملوء بالثقة بالنفس . إن الوسائل التقنية التي توفرها العولمة على مستوى الاتصال خاصة هي خير مساعد على نشر المعرفة العلمية و تعميم الروح النقدية .
محمد عابد الجابري ( 1999 ) العولمة و هاجس الهوية في الغرب ، مجلة فكر و نقد ، عدد 22 ، أكتوبر ، ص 10 – 11.

أسئلة :
1. أبرزالإشكالية التي يدور حولها النص و حلل مكوناتها .
2. ناقش النص في ضوء الواقع المعيش .
2.4– توجيهات عامة :
- القراءة المتأنية للنص مع استخلاص المفاهيم و العبارات الأساسية التي يمكن أن تساعد على ضبط الإشكالية و مكوناتها ( التعارض / الصراع ، العولمة ، الهوية / الهويانية، متقدم / شمال ، متخلف / جنوب ، مشكلة / إشكالية ، المعرفة العلمية / الروح النقدية ، الوسائل التقنية / الاتصال ، الصمود الإيجابي / الثقة بالنفس ) .
- - الإجابة عن كل سؤال على حدة مع الحرص على التوازن الكمي بين الجوابين نسبيا.
- - الوقوف في الجواب عن السؤال الأول عند التحليل / التفكيك / التفسير، أ ي التعامل مع النص من الداخل .
- - الحرص في الجواب عن السؤال الثاني على مناقشة / تقويم النص من الخارج لأن الواقع المعيش للمترشح يتموضع خارج النص ، إذ المطروح هو مدىاقتراب هذا النص من الواقع أو مدى واقعيته.
- يجب أن نفهم من المناقشة / التقويم بيان جوانب القوة / الصلاحية و الضعف / عدم الصلاحية أو ما يمكن أن نسميه بالتقويم المزدوج ، مع الحرص على استحضار معطيات الواقع المعيش كمحك وحيد لذلك .
- - لاحظ التمفصل بين السؤالين : السؤال الأول يأتي منطقيا قبل الثاني و يؤدي إليه ، فبعد تفكيك / تفسير النص و بسط معطياته ، تأتي منطقيا مرحلة التعامل التقويمي معها بما لها و ما عليها . لذلك يحسن ترتيب الجوابين تبعا لترتيب السؤالين . وهذا ما يساعد على "حسن التخلص " من السؤال الأول إلى الثاني .
- - مراعاة القواعد الأساسية للتحرير : تجنب الحشو و التكرار ، ضبط المصطلحات و المفاهيم المستعملة ، مراعاة علامات الوقف و الترقيم ، وضع الاستشهادات المنقولة حرفيا بين مزدوجتين و الاكتفاء بصدد ما اقتبس معناه باستعمال عبارة : ما معناه متبوعة بنقطتي تفسير، التأكد من أسماء الأعلام ، تنظيم الفقرات ، سلامة اللغة .
3.4 عناصر ميسرة للجواب عن السؤالين :
1.3.4 إبراز إشكالية النص و تحليل مكوناتها :
- - الإشكالية :
* الصراع بين العولمة و " الهويانية " كنتيجة للتأثير السلبي للعولمة على الهوية .
* أهم أبعاد الإشكالية :
+ ما هي طبيعة هذا الصراع ؟
+ ما هو مداه الجيو- سياسي ؟
+ كيف يمكن تجاوزه ؟
* يحسن الوقوف في بسط الإشكالية عند مصطلحي العولمة و " الهويانية " لتحديدهما بما ينسجم مع سياق النص : فمصطلح العولمة ( من عولم أي صير عالميا ) يحيل على التواصل المفتوح ( المخترق للحدود الجيو- سياسية ) بين المجتمعات الإنسانية على اختلاف أنظمتها السياسية و الاقتصادية ، تحكمه علاقات غير متكافئة خاصة على المستوى التكنولوجي و الاقتصادي .
أما مصطلح " الهويانية " فهو من ابتكار كاتب النص للدلالة على " النزعة التي ترفع شعار الهوية " ، والهوية تعني هنا الخصوصية المجتمعية أو ما يعبرعنه أيضا بالذات المجتمعية .
- المكونات :
* يحتوي النص على مكونين أساسيين :
+ التعارض / الصراع بين العولمة و " الهويانية "ظاهرة عامة تعرفها جميع الدول ، و تفصح عن علاقة إشكالية بين العولمة و الهوية .
+ تجاوز الإشكالية يقتضي استمداد إمكاناته من أهم إنجازات العولمة : التكنولوجيا و المعرفة العلمية ( الاستغلال الأولى ، خاصة وسائل الإتصال ، في تعميم الثانية لتقوية الهوية بما يحقق بناء علاقة صحية بينها و بين العولمة ) .
* لاحظ ارتباط هذين المكونين بالإشكالية العامة للنص ، باعتبارهما بعدين أساسيين للصراع بين العولمة و" الهويانية ".
* أبعاد المكون الأول موضوع التحليل :
+ يحيلنا هذا المكون على أن الصراع بين العولمة و" الهويانية " صراع ذو طبيعة ثقافية / حضارية بما هو إفصاح عن محاولة اختراق الهوية / الخصوصية المميزة لتجمع بشري ما ( وطن ، عرق ، طائفة ... ) لتذويبها وسط " مجتمع عالمي " .
+ يتمظهر الطابع الإشكالي للصراع بين العولمة و الهويانية " في تعدد مستوياته و اتجاهاته و إفصاحه بالتالي عن عدة مشاكل متداخلة .
+ من أهم مظاهر التعدد :
- تعدد مستويات " الهويانية " : قومي / تشبت بالوطن ، إثني / تشبت بالعرق ، طائفي / تشبت بمرجعية عقدية .
- تعدد اتجاهات العولمة : اتجاه شمال جنوب و هو البارز ، و يسمح لنا التعامل التأويلي مع النص بالحديث عن اتجاه شمال شمال ، و أيضا عن اتجاه جنوب جنوب في ضوء نظرية مركز محيط (اجتهادات سمير أمين المطورة).
+ يمكن الوقوف عند بعض هذه المستويات و الاتجاهات بالتحليل :
مثلا : اتجاه شمال جنوب هو الأكثر وضوحا من حيث هو صراع بين ثقافة / حضارة غربية " متقدمة " تريد أن تعطي لقيمها وأفكارها ... صبغة عالمية لاختراق الدول " المتخلفة" ضدا على خصوصيتها / هويتها الثقافية / الحضارية. يقابل ذلك رد فعل " هوياني" أبرزه قومي / عقدي كما هو الحال في العالم العربي / الإسلامي .
+ يمكن بيان تجليات ذلك من خلال أمثلة مستقاة من مختلف مجالات الحياة اليومية أو أدبيات عربية ( علي زيعور ، مصطفى حجازي ... ).
+ على مستوى شمال شمال أصبح معروفا موقف بعض الدول المتقدمة " الدفاعي " خاصة فرنسا ، عن هويتها الثقافية / الحضارية تجاه الاختراق العولمي الأمريكي في شتى المجالات : السينما ، اللغة ، الطبخ !؟...
+ الصراع إذن في جميع أحواله و أبعاده غير متكافئ من حيث كونه يتخد طابع الفعل الاختراقي ( الاختراق مصطلح من ابتكار الكاتب في نصوص أخرى ) المدعم بمختلف الوسائل التكنولوجية المتطورة و بالتجمعات الاقتصادية الضخمة و خاصة الشركات المتعددة الجنسية ... ، هذا الفعل هو المسؤول عن تنشيط " ميكانيزم دفاعي " يؤشر إلى ضعف إن لم نقل إلى مرض يطال الذات المجتمعية ( الإشارة إلى " الثقة بالنفس " في النص تسمح لنا بهذا التأويل ) . نستحضر هنا على سبيل المقارنة / التناص مؤلف علي زيعور عن: التحليل النفسي للذات العربية .
+ يمكن الختم بالنتيجة الحصرية المزدوجة التي يفضي إليها التعامل " غير الصحي " مع العولمة: إما استلاب ثقافي / حضاري عولمي و إما تطرف ثقافي / حضاري " هوياني " . و هنا تطرح ضرورة تجاوز هذه الوضعية الحصرية .
* أبعاد المكون الثاني موضوع التحليل :
+ تعامل النص مع الإشكالية لا يطرح حلا ميكانيكيا ، بل حلا تجاوزيا لا (يمكن حلها إلا بتجاوزها ) . و التجاوز هنا يعني الخروج من الوضعية الحصرية المذكورة أعلاه بإعادة الطرح الصراع من منظور آخر : الانتقال من مستوى : هجوم / رفض / حصار العولمة أو ما يمكن أن نسميه بمواجهة خارجية ، إلى مستوى تعايش / قبول ( صمود إيجابي ) / انفتاح على العولمة أو ما يمكن أن نسميه بمواجهة داخلية .
+ الوضعية الجديدة المتوخاة تتمثل في تقوية الهوية ( الثقة بالنفس ) بتلقيحها بأهم ما يميز العولمة : المعرفة العلمية .يمكن الوقوف عند خصائص هذه المعرفة العلمية استهداء بقرينتها المذكورة في النص أي الروح النقدية ( نشر المعرفة العلمية و تعميم الروح النقدية ).
+ بما أن" الهويانية " تعتبر من وجهة نظر النص خللا في الذات المجتمعية ، فإن النقد الذاتي يطرح نفسه هنا : التخلص من التطرف، الفهم الصحي لمكونات الخصوصية المجتمعية ، التسامح و الانفتاح = التقوقع على الذات ، النسبية في التفكير و جميع خصائص الفكر العلمي بما فيها القدرة على التعامل مع المعطيات التكنولوجية و نبذ الفكر الخرافي .
+ هناك أيضا نقد الآخر ( العولمة و مصادرها ) ، و خاصة على مستوى قدرة تبين المساوئ التي ينبغي تجنبها لكونها لا تتلاءم مع الخصوصية / الهوية القوية ، و تبين الإيجابيات لتبنيها مكيفة مع هذه الهوية أي بعقلية نقدية . و هنا تبرز بالخصوص قدرة الانتقاء / الاختيار و القدرة على تمحيص / تقويم الرأي الآخر في إطار التمييز بين الثوابت و المتغيرات .
+ هذه المعرفة العلمية ذات التوجه النقدي لا جدوى منها إذا كانت محصورة في طبقة أو فئة أو جماعة ... إذ أن فاعليتها مستمدة من مدى تغلغلها في مختلف مكونات النسيج المجتمعي حتى تتشكل هويته الصحية ( تعميم / نشر المعرفة العلمية ...) .
+ السبيل إلى ذلك هو توظيف المعطيات التكنولوجية الحديثة التي هي أيضا من نتائج العولمة ، وخاصة وسائل الاتصال ( الانترنيت ، القنوات الفضائية...) التي يمكن بيان أهميتها في هذا المجال .
+ النتيجة التي يمكن الخروج بها من النص ككل هي أنه يقدم لنا وجهة نظر معللة بصدد تعامل أي مجتمع / دولة مع العولمة بغض النظرعن كونه " متقدما " أو " متخلفا" و المتجلية في الانخراط في العولمة من موقع القوة المتمثل في استثمار معطياتها الإيجابية (العلم و التكنولوجيا ) لبناء ذات مجتمعية قادرة على التواصل مع الآخر دون أن تفقد خصوصيتها . كما يمكن أن نسجل بأن هذا الاستنتاج العام يحيلنا على أن النص يتبنى موقفا تربويا / توعويا من العولمة .

0 التعليقات :

تصميم وتطوير عالم المهووسين