مهارة استخدام السبورة

يوم mardi 11 novembre 2008 القسم : 1 التعليقات

يقتضي الواجب أن نؤكد على أهمية وقيمة مهارة استخدام وتوظيف السبورة في الموقف التدريسي بطريقة فعالة ، وفي هذا الصدد ، نذكر الاقتباس التالي :" عندما يجري استعمال السبورة بصورة فعالة في التدريس فإنها ليست وسيلة بصرية بالغة القيمة للتلاميذ فحسب ، بل إنها أيضاً من العوامل التي تخلق روح الوحدة في الصف . فعندما تتركز جميع الأبصار على السبورة فإن الصف يتحد مع نفسه ومع المعلم بشكل لا يتحقق إذا ما كان على التلاميذ أن ينظروا إلى ( الكتب أو الكراسات ) الموضوعة على المقاعد أمامهم ، إن روح الوحدة هذه بالغة الأهمية ، لأنها تحسن مقدرة المعلم على التعليم وطاقة التلاميذ على التعلم " .وقد يكون المعلم متمكناً وبارعاً في مهارات التدريس الفعال ، ولكنه يفشل في إقناع التلاميذ بذلك إذا فشل في استخدام السبورة في التدريس بطريقة صحيحة . فالمدرس الذي لا يراعي تنسيق السبورة وترتيب المعروض عليها ، ينظر إليه التلاميذ على أنه شخص غير منظم في أفكاره ، والمدرس الذي لا يراعي القواعد الصحيحة في رسم الأشكال على السبورة ، قد يترك انطباعاً خاطئاً عن طبيعة هذه الأشكال في ذهن ومخيلة التلاميذ .وسنركز هنا بصفة خاصة على الموضوعين المهمين التاليين :! إدراج مهارة استخدام السبورة كأحد مهارات التدريس الفعال .! إرشادات لزيادة فاعلية الاستعمال الوظيفي للسبورة .لماذا تعتبر مهارة استخدام السبورة أحد مهارات التدريس الفعال ؟ولإيماننا المطلق بأن استخدام المعلم للسبورة يعكس بدرجة كبيرة سلوكه التدريسي ، فإننا نتعرض بالدراسة لهذا الموضوع ، فالمعلم الذي يستطيع أن ينظم أفكاره ويرتبها وفق التسلسل المنطقي لبناء موضوع الدرس وذلك أثناء شرح الدرس ، يستطيع بالتالي أن يعكس ذلك على ما يكتبه أو يخططه أو يرسمه على السبورة .وبالطبع ، يفيد الإجراء السابق التلاميذ ، إذ أن أي واحد منهم بمجرد إلقاء نظرة سريعة على السبورة ، يستطيع أن يربط بين ما يقوله المعلم وما يكتبه ، ومن خلال عملية الربط هذه ، يترسب في أعماق التلميذ ووجدانه اتجاهات إيجابية عن عملية التعليم ، فيقبل على التعلم بوعي وإدراك كاملين . أيضاً ، فإن سهولة عملية الربط بين ما يقوله المعلم وما يسجله على السبورة ، يجعل عملية التعليم / التعلم عملية سهلة بدرجة كبيرة ، وذلك يسهم في تحقيق النجاح الذي يسهم بدوره في تحقيق المزيد من النجاح .ومن ناحية أخرى نستطيع أن نقول أنه ليس هناك أحسن الطرق الممكن اقتراحها ليأخذ بها المعلم أثناء عملية التدريس ، إذ أن كل معلم يمكنه أن يطوع أية طريقة يتبعها وفقاً لمقتضيات الموقف التدريسي ، كما أنه قد يستعمل طرق تعليم مختلفة في تدريس الموضوع الواحد حسب متطلبات المادة العلمية التي يتضمنها هذا الموضوع من جهة أخرى. وبالرغم من زعمنا السابق بأنه لا توجد أحسن أو أفضل طريقة في التدريس ، فإنه يوجد أفضل أسلوب لترتيب وتنسيق السبورة أثناء شرح موضوع الدرس . ويتوقف أسلوب ترتيب وتنسيق السبورة على مقدرة المعلم المهنية ومهاراته الشخصية في الرسم والكتابة على السبورة .وبإيجاز نقدم فيما يلي بعض المفاهيم الأساسية لعملية التعليم / التعلم التي تحدد الاستعمال الوظيفي الأمثل والفعال للسبورة :– الإثارة والتشويق .– التعليم بالوسائل البصرية .– دعم الحكمة المنطوقة أو المقروءة أو التجربة …الخ .– التلخيص والتذكير ( خلاصة الدرس ) .إرشادات لزيارة فاعلية الاستعمال الوظيفي للسبورة :1. لا يكون التعليم فعالا إلا عندما يحدث التعلم . ولما كانت السبورة هي في الأصل إحدى وسائل التعلم البصري ، لذا يجب على المعلم تكييف أسلوب عرضه على السبورة إلى مستوى " اللغة البصرية " التي يفهمها المعلمون ، على أن يراعي المعلم أن مستوى " اللغة البصرية " يتغير تغييراً واسعاً من فئة سن إلى أخرى ، كما أنه يتوقف على الخبرة البيئية للمتعلمين 2. ينبغي التنوع في عملية التعلم لإثارة اهتمام المتعلمين وتفادي إرهاقهم العقلي والجسمي ، وتتيح السبورة فرصاً عديدة للتنوع والتغيير في طريقة عرض الدرس ، وبخاصة إذا طلب المعلم من المتعلمين متابعته و الاشتراك معه في العمل على السبورة .3. إن الجمع ما بين الكلمة المنطوقة ( والكلمة المقررة ) وبين الكلمة ذاتها المكتوبة على السبورة وبخاصة إذا رأفقها شكل تخطيطي أو رسم بياني ، يدعم ما يقوله المعلم ويجعله مفهوماً ، كما يجعل تعلم المتعلمين أنفسهم عملية سهلة وسلسلة . والحقيقة إن تدعيم المعلومة بأكثر من طريقة أو أسلوب يجعل هذه المعلومة واضحة بالنسبة للمتعلمين ، وثابتة في أذهانهم ويسهل عليهم فهمها ، فلا يضطر أي متعلم للحفظ الآلي الأصم للمعلومات . 4. قلنا من قبل أن توظيف السبورة لا يكون فعالاً إلا بمقدار ما يكون تدريس الموضوع الذي يرافقها فعالاً . إذن ، ينبغي على المعلم عند تحضيره للدروس الصفية اليومية أن يضع في ذهنه تصوراً لبعض جوانب الدرس التي تعتبر مناسبة للعرض البصري على السبورة ، وللجوانب الأخرى التي يجب عرضها بالأساليب الشفهية أو بالوسائل العملية . 5. عند استعمال المعلم السبورة ، عليه أن يدرك إمكانية استخدامها لتحقيق الغرضين التاليين :! كصحيفة يضع عليها المعلم بعض الرسومات والكلمات المهمة وغيرها لفترة وجيزة ، ثم يمحوها عندما لا تبقى حاجة إليها . وفي هذه الحالة يجب أن يراعي المدرس السرعة والبساطة في تسجيل ما يريد أن يسجله على السبورة بحيث لا يعرقل ذلك سير عرض المعلم للدرس . ! يمكن استعمال السبورة كلوحة للعرض تتضمن رسوماً بيانية أو أشكالاً هندسية مخططة تخطيطاً دقيقاً ، وذلك يتطلب أن تكون السبورة نظيفة ، وأن تكون الموضوعات المعروضة عليها مرتبة وواضحة ومختصرة ، لأن دوام هذه الموضوعات قد يستمر وقت الحصة بالكامل . قواعد استخدام السبورة بفاعلية :1 ـ عندما يكتب المدرس على السبورة ، يجب أن لا يقف ووجهه ناحية السبورة وظهره ناحية التلاميذ ، ولأن ذلك يحجب رؤية التلاميذ عن ما يكتبه فلا يتابعون من جهة ، كما أن ذلك يجعل المدرس نفسه لايرى ما يحدث داخل الفصل بين التلاميذ ، وقد يكون ذلك من أسباب حدوث مشكلات عظيمة الشأن من جهة ثانية .2 ـ عندما يبدأ المدرس الكتابة على السبورة ، ينبغي أن يراعي تنسيق وترتيب ما يخطه المدرس على السبورة ، فينعكس أثر ذلك إيجاباً على ردود فعل التلاميذ تجاه المعلم نفسه لأنهم يشعرون بأنه إنسان منظم ومرتب ، أيضاً ينعكس ترتيب السبورة على مدى متابعة التلاميذ لما يسجله عليها ، وبذلك يكون من السهل جداً أن يراجع أي تلميذ أية خطوة يكتبها المدرس على السبورة .وعموماً ، إذا لم يهتم المعلم بتنسيق وترتيب السبورة ، وكتب عليها بطريقة فوضوية وبغير انتظام ، تكون النتيجة الطبيعية عدم اهتمام أو عدم متابعة التلاميذ بما يكتبه المدرس ، كما أن تنسيق وترتيب السبورة يكون بمثابة المرآة التي تعكس خطوات العمل التي قام المعلم بأدائها ، وتظهر في الوقت نفسه للتلاميذ وللزائرين للفصل مدى ترتيب تفكير المعلم خلال الحصة الدراسية .3 ـ لاحظنا فيما تقدم أنه ينبغي أن يراعي المعلم تنسيق وترتيب السبورة أثناء الكتابة عليها ، ويتطلب هذا أن لا يكتب المعلم إلا العلاقات أو المعادلات المهمة والضرورية والتي عن طريق ربطها بعضها البعض ، يمكن استنتاج النتيجة النهائية . فالكتابة على السبورة لا تعني أبداً نقل كل الموجود في الكتاب المدرسي على السبورة ، ولا تعني تسجيل كل ما يقوله أو يقوم بشرحه على السبورة .وقد يضطر المدرس إلى إزالة بعض الرسومات أو المعادلات أو البيانات التي كتبها على السبورة ، فإذا كان يحتاج إلى بعض هذه الأمور ، فعليه أن يراعي ذلك أثناء تنسيق السبورة ، فيخصص جزء منها لذلك الأمر .4 ـ قد يطلب المعلم من أحد التلاميذ استخدام السبورة في حل أحد التدريبات أو المسائل ، في هذه الحالة ينبغي أن يتابع المعلم ما يكتبه التلميذ خطوة بخطوة على السبورة حتى لا يترك التلميذ يواصل الحل الخطأ .ومن الأفضل أن يجعـل المدرس التلميذ يكتشف بنفسه الخطـأ الذي وقع فيه ، فإذا عجز عن تحقيق ذلك يسأل بقية التلاميذ عن الخطأ الذي وقع فيه زميلهم .وننوه إلى أن بعض المعلمين ، قد يطلبون من أكثر من تلميذ في الوقت واحد المشاركة في العمل على السبورة ، وذلك الإجراء يكون غير ذي نفع وغير مجدي في أغلب الأوقات ، إذ أن استعمال السبورة من قبل تلميذ واحد تتطلب مدرس واع ودقيق وشخصيته قوية ، لأن عليه أن يحفظ النظام في فصل يعمل فيه تلميذ واحد ويظل باقي التلاميذ عاطلين عن العمل ، فما بالنا إذا استعمل السبورة أكثر من تلميذ ، فلن يستطيع المعلم متابعتهم معاً بدقة ، كما أن بقية التلاميذ لن يروا المكتوب على السبورة بسبب الزحمة أمام السبورة ( وجود معلم واثنين أو ثلاثة من التلاميذ ) .5 ـ على المدرس أن يدرك أنه يمكن استعمال بعض الوسائل التعليمية الأخرى بجانب السبورة ، وفي هذه الحالة ، عليه أن يقدم الوسيلة في الوقت والموقع المناسب من الدرس [size=21]أيضاً على المعلم أن يستغل السبورة استغلالا جيداً عندما يقوم بإجراء أحد التجارب أمام التلاميذ ، إذا أن السبورة ينبغي أن تلخص وتوضح نتائج التجربة التي تجرى أمامهم ، كما يجب أن لا تحتوي إلا على البيانات المهمة والضرورية الخاصة بالتجربة . 6 ـ إن التمثيل البياني والرسـوم الإحصائيـة للمعلومات التي يمكن تفسيرها بصرياً يعتبر مثلاً واضحاً عن التمثيل البصري فهذا النوع من المعالجة للبيانات أو المعلومات أكثر فاعلية من الحديث الشفهي أو الكتابة الإنشائية على السبورة . لذا ، يجب على المعلم أن يستخدم السبورة في عرض بعض الرسوم البيانية أو الإحصائية ، إذا كان موضوع الدرس يتضمن هذه الجانب وذلك لأن هذه الرسوم تترك انطباعا سريعاً وفعالاً عند التلميذ . 7 ـ عندما يقوم المعلم بإزالة المكتوب على السبورة ، عليه أن يقوم بالإزالة من أعلى لأسفل بقطعة من اللباد ، حتى لا يثير زوبعة من الغبار الضار بالصحة له ولبقية التلاميذ .وأحياناً قد لا تتوفر في بعض المدارس قطع اللباد ، فيضطر المدرس بإزالة المكتوب بقطعة من القماش أو باستخدام الورق ، وذلك من العوامل المؤذية بالصحة ، لذا يجب أن يكون لكل معلم الممحاة الخاصة به حتى وإن كانت على نفقته الخاصة .8 ـ يمكن أن يستعمل المعلم الفنان الحاذق الطباشير الملون بفاعلية عظيمة الشأن ، فعن طريق الاستخدام الأمثل للطباشير الملون ، يستطيع المعلم أن يرسم الأشكال بحيث تبدو وكأنها تابلوهات حية ، أيضا عن طريق الطباشير الملون ، يستطيع المعلم أن يوجه الانتباه إلى معلومات خاصة في موضوع الدرس ، إذ أن الألوان تساعد على فصل مراحل مختلفة من الشكل ، كما تسهم في إبراز أهمية الأجزاء المنفصلة عن الشكل . 9 ـ من الأفضل أن يستخدم المعلم الأدوات الهندسية في رسم الأشكال الهندسية ، لتفادي الأشكال المضللة التي يرسمها بعض المعلمين ممن تنقصهم مهارة الرسم ، وننوه هنا إلى أنه لا ضرورة للخربشة والرسم العشوائي على السبورة ، لأن تأثيرات ذلك تكون سيئة على انطباعات وتصورات التلاميذ .10ـ إذا تطلب شرح الدرس أن يقوم المعلم برسم عدة أشكال هندسية معقدة وصعبة على السبورة كالمخمس والمسدس والقطع المكافئ …. الخ ، فإن وقت الحصة يضيع في رسم هذه الأشكال ، ولن يتبقى وقت لشرح الدروس في هذه الحالة يجب على المعلم بالاستعانة بقسم الوسائل بالمدرسة ـ صنع هذه الأشكال بأحجام متفاوتة من الورق المقوي أو من الخشب الأبلكاش الخفيف ، إذا أن ذلك يتيح للمعلم رسم هذه الأشكال على السبورة بدقة وسرعة عن طريق تثبيت الشكل على السبورة والتحديد حوله بالطباشير . والحقيقة إذا أعد المعلم درسه إعداداً دقيقاً ، وعرضه عرضاً منطقياً فلا بد أن ينعكس اثر ذلك على السبورة ، فيبدو المعروض على السبورة واضحاً ومنطقياً وحسن التسلسل .11 ـ من المفيد أن يذهب المعلم أحياناً إلى مؤخرة الصف ، وأن ينظر إلى ما كتبه على السبورة ويسأل نفسه : هل سيكون مسروراً وفرحاً وقلقاً ومنزعجاً إذا حضر زائر إلى الصف فجأة ورأي المسطر أو المكتوب عليها ؟ إن إجابة هذا السؤال تجعل المعلم يدعم الاستجابات الصحيحة التي قدمها في الحصة في المرات التالية ، كما تجعله يحاوله أن يحسن من مستوى أدائه إذا شعر أنه دون المستوى المطلوب في المرات القادمة . 12 ـ إذا دعت الضرورة ـلسبب من الأسباب ـ إلى رسم بياني أو شكل تخطيطي معقد ، وليس هناك الوقت اللازم لإعداده ، فالبديل الطبيعي لذلك استعمال وسيلة بصرية جاهزة ، كاللوحة الوبرية أو اللوحة المغناطيسية أو اللوحة القلابة …. الخ ، إذ أن مثل هذه اللوحات يمكن أن تؤدي في بعض الأحيان الوظائف والاستعمالات الكاملة للسبورة
إقرأ البقية
عندما نتأمل الأساليب الحديثة في التعليم والتدريس نجد اكتشافات لعلماء عديدين يؤكدون على قواعد محددة في التعليم، فماذا عن أسلوب النبي الكريم؟...لقد جاء النبي الكريم في عصر انتشرت فيه الأساطير وسيطرت فيه الخرافات على عقول البشر، وكان العرب يتبعون أساليب معينة في التعليم معظمها خاطئ، مثل التأنيب والعقاب والاستهزاء بالآخرين، وكانوا تأخذهم حميَّة الجاهلية.لقد جاء النبي في ذلك العصر الصعب، كانوا يستقون معلوماتهم من الكهان والعرافين، ويقتنعون بكلام المنجمين المزخرف، ويمكن القول إن الأساليب العلمية الصحيحة في التعليم والتدريس والإدارة لم تُطبق إلا في العصر الحديث أي بعد وفاة النبي الكريم بأربعة عشر قرناً.وسوف نرى من خلال هذه المقالة كيف أن أسلوب النبي الكريم في تعليم أصحابه يتوافق مع أحدث النظريات التعليمية التي يؤكد صحتها عدد كبير من العلماء اليوم.التدرج من العام إلى الخاصمن أهم الأساليب الحديثة المتبعة في تدريس الطلاب ولجميع المراحل هو التدرج من العام إلى الخاص. فالمعلم الناجح يبدأ مع طلابه بالمعلومات العامة أولاً ثم يتدرج نحو المعلومات الخاصة والمحددة.فمثلاً عندما نريد تدريس الطالب علم الفلك نبدأ معه بالحديث عن الكون وأجزائه والمجرات والنجوم والمجموعة الشمسية وغير ذلك من المعلومات العامة. ثم نحدثه عن توسع الكون والانفجار الكبير ومستقبل الكون، ثم نحدثه عن الثقوب السوداء وما يحدث من عمليات دقيقة بداخلها، ثم نحدثه عن الانفجارات النجمية والتفاعلات النووية فيها وغير ذلك من المعلومات الدقيقة.أي أن التعليم يبدأ من العام نحو الخاص، والعجيب أن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام قد اتبع هذا الأسلوب في جميع تعاليمه. فهذا هو سيدنا جندب بن عبد الله رضي الله عنه يقول: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة "أي قاربنا البلوغ" فتعلّمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيماناً) [رواه ابن ماجة].أسلوب الترغيب أكثر من الترهيبوينصح بهذا الأسلوب علماء البرمجة اللغوية العصبية، فهم يؤكدون دائماً على أنك بدلاً من أن تهدد التلميذ أو الموظف أو ابنك ... بالعقاب وتشغل تفكيره بتخيلات ومخاوف هو بغنى عنها، بدلاً من ذلك يفضل أن تملأ دماغه بالتفاؤل وأن تبشره بالخير والثواب، فإن ذلك سيجعله إنساناً إيجابياً يستطيع استثمار وقته بطريقة مفيدة.لو تأملنا أحاديث النبي الأعظم عليه صلوات الله وسلامه لوجدناها تزخر بالتعاليم الإيجابية، فمن منا لا يذكر حديث أولئك السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومن منا لا يذكر الحديث الشهير الذي يحمله كل داعية بقلبه: (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا) [البخاري ومسلم].لقد كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يثني على المؤمنين ويشجعهم في كثير من المواقف، وكان يتجنب الانتقادات المباشرة، فعندما يرى رجلاً قد أخطأ فلا يسميه باسمه بل يقول: (ما لي أرى أقواماً فعلوا كذا وكذا...)، وهذا من أرقى الأساليب في فن الإدارة الحديث [1].التدرج في الأعمال والمعلوماتمن أسس النجاح في الحياة أن يكون لديك أولويات تحددها بوضوح، أو أهداف واضحة تحددها حسب أهميتها. فالإنسان الناجح يستطيع وضع إستراتيجية واضحة لحياته وما هي الخطوات التي ينبغي عليه القيام بها أو الاهتمام بها أولاً.هذا الأمر ضروري لكل إنسان يريد النجاح في الدنيا، ولكن النبي الرحيم عليه الصلاة والسلام يريد لنا لنا النجاح في الدنيا والآخرة! ولذلك نجد هذا الأسلوب التعليمي في ترتيب الأعمال حسب أهميتها، نجد هذا الأسلوب يتكرر كثيراً في تعاليم سيد البشر عليه الصلاة والسلام.فمن منا لا يذكر ذلك الرجل الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبره بأحب الأعمال إلى الله تعالى، فقال له: (الصلاة على وقتها، ثم بر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله) [رواه البخاري ومسلم]. وهنا نلاحظ أن الرسول الكريم قد وضع أولويات أمام هذا الرجل ليكون اهتمامه أكثر. أسلوب الأمثلة في التعليميؤكد علماء التعليم اليوم أن أفضل أسلوب للتعلم هو الأمثلة، أي أنك إذا أردت أن تعلم إنساناً شيئاً يترسخ في ذاكرته ولا ينساه أبداً فعليك أن تضرب له مثلاً أو تشبيهاً، وسوف تنطبع المعلومات في ذهنه، ولكن لماذا هذا الأسلوب؟لقد اكتشف العلماء أن ذاكرة الإنسان تستخدم هذا الأسلوب في التذكر، فأنت عندما تشم رائحة معينة قد تذكرك بموقف قديم حدث معك وارتبط بهذه الرائحة. وعندما تسمع أغنية فإنك تتذكر على الفور ذلك الموقف الذي سمعت فيه هذه الأغنية منذ سنوات طويلة.... وهكذا.ولذلك فإن العلماء يؤكدون على ضرورة استخدام هذا الأسلوب في التعليم، وهذا ما فعله نبينا عليه الصلاة والسلام في معظم أحاديثه. فقد كان ينتظر الفرصة المناسبة ليوجه النصيحة ويربطها بتشبيه يقرب فهمها للأذهان.وكلنا يتذكر ذلك الحديث عندما قال النبي الكريم: (أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من دَرنه "أي وسخه" شيء؟ فكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا) [البخاري ومسلم].أسلوب الحوار التعليميما أكثر الأحاديث النبوية الشريفة التي جاءت على شكل حوار تعليمي، هذا الأسلوب يؤكده علماء النفس حديثاً، وهو أن الحوار التعليمي مهم جداً لترسيخ المعلومات أثناء التعلم وجعل الدرس أكثر تشويقاً ومتعة ومشاركة من قبل المتعلمين.ولو تأملنا كتاب الله تعالى وجدنا هذا الأسلوب في معظم صفحاته، ويكفي أن نعلم بأن كلمة (قُل) تكررت ي القرآن 332 مرة. وبنفس هذا العدد تكررت كلمة (قالوا) أي 332 مرة، وهاتين الكلمتين تستخدمان للحوار والنقاش والجدال.ولذلك فقد استخدم حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب الحواري في كثير من أحاديثه، فعلى سبيل المثال، يسأل النبي أصحابه فيقول: (أتدرون من المسلم)؟قالوا: الله ورسوله أعلم.قال: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده).ثم قال (أتدرون من المؤمن)؟قالوا: الله ورسوله أعلم.قال: (المؤمن من أمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم).وهذه الأساليب تكررت كثيراً في كلامه عليه الصلاة والسلام. وإن دل على شيء إنما يدل على أن كل كلمة نطق بها هذا النبي الأمي هي الحق، وأن تعاليم الإسلام صالحة لكل زمان ومكان، وأخيراً ندعو بدعائه صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يُستجاب لها) [رواه مسلم].
إقرأ البقية
تصميم وتطوير عالم المهووسين